تقليم الزيتون

تقليم الزيتون

إن المبادئ التي يستند إليها تقليم شجرة الزيتون متطابقة مع غيرها من الأشجار المثمرة في بعض النقاط وتختلف في بعضها الآخر لأنها تتعلق بالصفات الخاصة بكل نوع من أنواع الأشجار المثمرة.

يمكن تمييز في شجرة الزيتون كباقي الأشجار المثمرة تقليم التربية أو تقليم الأشجار الفتية وتقليم الإثمار أو تقليم الأشجار البالغة وأخيراً تقليم التجديد أو تقليم الأشجار الهرمة.

أولاً: تقليم التربية:

يتم تأسيس بساتين الزيتون عادة أما بواسطة القرم وهي طريقة لا تزال متبعة في بلادنا وفي تونس خاصة  أو بواسطة الغراس المطعمة أو المجذرة.

تربية الأشجار المزروعة بواسطة القرم:

يلاحظ لدى استخدام القرم لتأسيس البساتين نمو خلفات عديدة من القرمة الواحدة والتي تتنافس فيما بينها وتحمي بعضها البعض في المراحل الأولى لنمو الأغصان. وتعتمد هذه الأخيرة في غذائها على المدخرات المتوفرة في القرمة. يفضل ترك هذه الخلفات دون حتى السنة الثالثة وربما الخامسة، لأن

أي استبعاد لبعض هذه الخلفات يقابله تأخر في نمو الجذور وهذا ما ينبغي تلافيه في السنين الأولى لتأسيس البستان.

واعتباراً من السنة الثالثة يتم اختيار أفضل خلفة لتكوين ساق الشجرة، غير أنه يلاحظ وجود أكثر من خلفة تتوازن في القوة والاتجاه مع مثليها من الخلفات لذلك يفضل تقليل العدد في السنين المقبلة للتربية إلى 3 أو 5 وليتم بهذا اختيار الخلفة المناسبة.

يعمد بعض المزارعين إلى إزالة كافة الخلفات النابتة من القرمة دفعة واحدة وترك خلفة واحدة لتكون ساق الشجرة ولو أن هذا ما نطمح بالوصول إليه تدريجياً إلا أن السرعة في إنجاز التربية سيعرض الساق إلى تأثير العوامل الجوية المختلفة.

تميل الزراعة الحديثة للأشجار المثمرة ومنها الزيتون إلى تربية الأشجار على ساق قصير حتى إن بعضهم ارتأى عدم ضرورة وجود الساق وتشعب الأفرع الرئيسية مباشرة من الأرض.

هذه التربية لا تعني مطلقاً تربية المجموع الهوائي للأشجار بصورة مرتفعة عن سطح التربة فالطرق الحديثة في تربية للزيتون تقترح فسح المجال للأفرع والأغصان المحيطة بالتدلي لتكاد تلامس بدورها سطح التربة وبذلك نصل إلى أعلى إنتاج ممكن من الشجرة الواحدة.

إن الشكل المفضل لتربية أشجار الزيتون في بلادنا هو الشكل الكروي مع وجود فجوة خفيفة في وسط الشجرة، وهناك بعض البلاد (ايطاليا) تطبق تربية كاسية على ثلاثة فروع هيكلية على أن يأخذ فرع شكلاً هرمياً تساعد هذه التربية على سهولة دخول النور إلى وسط الشجرة.

تم اقتراح التربية الموجهة للزيتون ولم تستطع هذه التربية الصمود لكثرة اليد العاملة اللازمة و لعدم استجابة شجرة الزيتون لهذه التربية بفعل نمو عدة أغصان عند نقاط الانحناءات و عليه تفضل التربية الحرة في الزيتون على التربية الموجهة.

تربى الأشجار عادة على 3 أو 4 أفرع هيكلية تتشعب بدورها إلى أفرع متدرجة في الصغر و لتنتهي بالأغصان وبسرعة يتشكل هيكل خشبي كبير ينافس الثمار في استهلاك العناصر الغذائية حيث ينعكس ذلك بصورة سلبية على زيادة الإنتاج.

تربية الأشجار بواسطة الغراس المطعمة أو المجذرة:

يلاحظ توزيع الغراس المطعمة أو المجذرة والمعدة لتأسيس البساتين وهي بحجوم متفاوتة و بتربية غير موحدة ،ويفضل تربية الغراس على ساق واحد تتوزع الأفرع الهيكلية عند قمته بصورة متوازنة .لهذه التربية أهمية بالغة في تحقيق تجانس كبير في الأشجار.

ثانياً: تقليم الإثمار:

إذا تركنا أشجار الزيتون دون تقليم نلاحظ الأتي:

– تكون مجموع هوائي كثيف جداً.

– صغر طول الأغصان السنوية المسؤولة عن الحمل وتصبح العناقيد الزهرية صغيرة.

– يباس الأفرع  الداخلية المظللة من الشجرة.

إن آلية نمو الأفرع والأغصان في الزيتون هي أكثر تعقيداً لأنها توجد على الأشجار في اتجاهات مختلفة.يبدو أن الأغصان بفعل استطالتها المستمرة وبفعل المرونة المتصفة بها و التي أشدها في الأصناف المتدلية تأخذ بالانحناء نحو الأرض.

تؤدي ظاهرة التدلي إلى تفتق البراعم الموجودة عند نقاط الانحناء ومن الجهة العليا خاصة فيزداد عدد الأغصان، ومع الزمن يتعقد تشعب الأفرع ويغطّي بعضها البعض.

من البديهي أن الأغصان النامية من الجهة الداخلية للفرع يتناقص تعرضها للإضاءة والتهوية تدريجياً ويعرف مبدأ التقليم المطبق بالتخفيف بحيث يحافظ  على الشكل العام للشجرة ويساعد على نمو الأغصان الباقية وزيادة تدليها ويتوازن الإثمار مع نمو الأغصان.

وكما ذكرنا أنه يلاحظ في الأشجار غير المقلمة سيادة في نمو الأفرع القائمة فللحفاظ على التوازن يهم إزالة بعض هذه الأفرع فتزداد استطالة الأفرع الباقية فتميل إلى التدلي وبالتالي إلى الإثمار ، أما إزالة كافة الأفرع الداخلية فتؤدي إلى إعطاء تربية كأسية لهذه الأشجار ولا يوجد ما يبرر لمثل هذه التربية في بلادنا لأن ضربة الشمس المحرقة للأفرع الهيكلية تسبب في احتراق القشرة مما يؤثر ذلك على حيوية الشجرة.

ثالثاُ: تقليم الأشجار الهرمة أو التجديد:

تتصف الأشجار الهرمة بكبر الساق وامتداد الأفرع الهيكلية الزائد، والارتفاع التدريجي للقسم الأسفل من المجموع الهوائي عن سطح الأرض. تميل مثل هذه الأشجار لإعطاء موسم جيد كل بضع سنوات. لحل هذه المشكلة تطبق على الأشجار الهرمة عدة مستويات من التقليم الجائر جداً وفقاً للآتي:

تقليم الأشجار على مستوى الأفرع الهيكلية:

تقصر الأفرع الهيكلية عند مستوى أغصان فتية نسبياً, لكن لهذه الطريقة سيئاتها بسبب بقاء الجذع والأفرع الهيكلية بحالة هرمة، وعندما يتجدد المجموع الهوائي للأشجار سرعان ما تعود إلى وضعها الأصلي، ولا بد من تكرار هذا الشكل من التقليم كل بضع سنوات. إذن لا يوجد أي أمل بالتجديد الكامل للأشجار.

تقليم الأشجار على مستوى سطح الأرض:

يتكون مجموع هوائي جديد، إنما يبقى المجموع الجذري للشجرة الأم هرماً. هذه حال بساتين الزيتون التي أصيبت بالصقيع في ادلب وحلب عام /1950/. يمكن تربية الأشجار المجددة على جذع واحد أو على عدة جذوع، ومن البديهي أن الشجرة تعود إلى وضعها الأصلي بسرعة أكبر لدى تربيتها على ثلاثة جذوع مثلاً، إن هذا الشكل من التقليم يقف عائقاً في المستقبل كما ذكرنا وذلك في حال تعميم القطاف الميكانيكي.

تربية نبات جديد على قرمة النبات الأم:

إن صعوبة سير العصارة الغذائية في الأشجار الهرمة يشجع على تفتق البراعم من القرمة الأم، إذن يمكن تجديد الأشجار جذع واحد أو عدة جذوع.

فصل جذر من الشجرة الأم مع جزء من القرمة:

يمكن فصل جزء من القرمة الأم أحد الجذور، فتتفتق البراعم على القرمة المفصولة. إن من حسنات هذه الطريقة هي تجديد الأشجار الهرمة كلياً مع معظم المجموع الجذري لها. يتم فصل أجزاء من القرم لصفوف الأشجار من جهة واحدة فتبقى الصفوف المجددة على نسق واحد.

ينبغي أن تكون القرمة من الأصناف المعروفة، وإلا وجب تطعيم إحدى الخلفات النابتة من القرمة البرية أو سيئة الصنف. عندما يصل عمر النبات الفتي إلى بضع سنوات، يقطع النبات الأم بعد سنة حمل، فيتسارع نمو الشجرة الفتية وسرعان ما تتخطى الحمل الأصلي للشجرة الهرمة.

رابعاً: موعد التقليم:

إن الموعد الأمثل للتقليم هو فترة السكون وبالتحديد بعد منتصف شباط لتوقع انتهاء موجات الصقيع. لكن بالنظر لاتساع الرقعة المشجرة بالزيتون وانتشار الملكيات بمواقع متباعدة فإنه يمكن المباشرة بالتقليم بعد انتهاء قطاف الثمار، وعليه يمتد موعد التقليم من منتصف تشرين الأول حتى نهاية آذار. خلال هذه الفترة يستطيع المزارع لأن ينظم العمل في مزرعته ويختار الموعد الأمثل للتقليم تبعاً للظروف  المحيطة بكل مزارع. من المنطقي عدم الدخول إلى البساتين مباشرة بعد انتهاء هطول الأمطار تلافياً لتراص التربة.

خامساً: كيفية تقليم الأشجار:

عند تقليم بستان يتم الاطلاع أولاً على الوضع العام للأشجار، فإذا كان المجموع الهوائي كثيفاً جداً لوجب الجور على الأشجار. وقبل المباشرة بالتقليم الإفرادي للأشجار تلقى نظرة إجمالية على كل شجرة من مختلف الاتجاهات للتركيز على تقليم الأجزاء الأساسية التي يمكن مشاهدتها عن بعد بصورة أفضل من الصعود المباشر على الأشجار.

يباشر بإزالة الأفرع والأغصان الثخينة ولينتهي الأمر أخيراً بالأغصان الصغيرة. بعد الانتهاء من التقليم تلقى نظرة أخيرة على الشجرة لقطع ما يجب تقليمه.

ينبغي عدم ترك عقد أثناء قص الأفرع والأغصان، كما ينبغي تلافي إجراء القص مسحاً.

يفضل حرق بقايا التقليم أو ترحيلها بعيداً لتجنب الإصابة بنيرون الزيتون.